قماش البوليستر (بالإنجليزية polyester). يعد البوليستر من أكثر الألياف إنتاجا في العالم، فهو يستعمل في صناعة كل الملابس داخل خزانة ملابسنا، من سراويل، وقمصان، وفساتين، وتنانير، وملابس سباحة، وسراويل ركض، ومعاطف، وملابس داخلية، وقبعات، وما إلى ذلك.
يتم استخدام قماش البوليستر لكل من الملابس اليومية والأقمشة الأكثر تقنية، مثل الملابس الرياضية.
سنعرض لكم اليوم في قصر معلومات حول مادة البوليستر وخصائصه، واستعمالاته، وكذا قماش البوليستير وايجابياته، وسلبياته.
جدول المحتويات
ما هو قماش البوليستر؟
هو أحد أنواع الأقمشة الصناعية التي يتم تصنيعها من مواد بترولية، ويشير البوليستر إلى مجموعة من البوليمرات (مجموعة من الجزيئات)، والتي تستخدم لتلبية احتياجات مختلفة، بدءا من المنسوجات إلى الزجاجات البلاستيكية.
وبالتالي، فإن البوليستر هي ألياف صناعية، ناتجة عن العمليات الكيميائية؛ وهي أيضا الألياف الاصطناعية الأكثر استخداما في مجال النسيج، وهي تمثل أكثر من 70% من الألياف الاصطناعية المستخدمة في صناعة النسيج.
يتميز البوليستر بقوته ومتانته ومقاومته التآكل، وهو ما يجعله خيارا شائعا في صناعة الملابس والمفروشات.
يتزايد إنتاج البوليستر كل سنة، فقد بلغ عام 2021 أزيد من 60 مليون طن، وهو ما يمثل 80% من الألياف الصناعية المصنعة. وهو الآن يوجد في كل مجالات حياتنا اليومية وعلى جميع المستويات.
ومفرد بوليستر يتكون من مفردين هما بولي “poly” التي تعني العديد أو الكثير، ثم كلمة ايستر “ester” التي تدل على مركب كيميائي.
هذا ويتزايد إنتاج البوليستر كل سنة، إذ يبدو أنه تضاعف في غضون 15 عاما الماضية.
تاريخ قماش البوليستر
أولى الأبحاث من أجل تطوير البوليستر بدأت في عشرينات القرن الماضي في شركة أمريكية تدعى “دو بونت”. وكان الهدف من تلك الدراسات والأبحاث هو تطوير الألياف الاصطناعية.
في البداية، سيتم اكتشاف ما يسمى بالنايلون nylon، ليظهر البوليستر الذي صار عرف فيما بعد في بريطانيا باسم “تريلين”.
وخلال أربعينيات القرن 20، حصلت شركة “دو بونت” على حقوق تصنيع ألياف البوليستر في الولايات المتحدة الأمريكية، وأطلقت الألياف التجارية تحت اسم “داكرون”. ومنذ ذلك الحين، اكتسب البوليستر شعبية هائلة في صناعات عديدة، في الملابس وعدة تطبيقات صناعية.
اقرأ أيضا…
معلومات شاملة حول الأمن السيبراني
استخدامات قماش البوليستر
يمكن رصد الاستعمالات التالية لقماش البولستر:
- 1. الملابس: يستخدم البوليستر بكثرة في صناعة الملابس، سواء للملابس اليومية أو الرياضية. يتم تصميمه بطريقة عصرية تُبين قدرة أكبر على امتصاص الرطوبة، مما يجعلها أكثر ملاءمة للرياضيين.
- 2. صناعة السيارات: يُستعمل البوليستر كذلك في صناعة بعض أجزاء السيارات كالمقاعد، والألواح الداخلية، وقطع غيار أخرى، إلى جانب صناعة رغوة البوليستر العازلة في صناعة السيارات الكهربائية.
- 3. التطبيقات الطبية: يُستخدم البوليستر في صناعة المعدات الطبية مثل أنابيب الاختبار، وصواني زراعة الأنسجة، وأجهزة الاختبار، وذلك لسهولة تعقيمه ومقاومته للتفاعلات الكيميائية.
- 4. الإلكترونيات: يدخل البوليستر يدخل أيضا في صناعة الأجهزة الإلكترونية مثل شاشات التلفزيون، وأجهزة الكمبيوتر، وهو أحد المكونات الأساسية في العديد من أجهزة تكنولوجيا المعلومات.
- 5. العزل والبناء: تستخدم رغوة البوليستر بشكل واسع في العزل الحراري والبناء، سواء في الأسطح أو الجدران أو في تصنيع الثلاجات ومرافق التخزين البارد.
ميزات وايجابيات قماش البوليستر
يمكن الحصول على ألياف البوليستر عن طريق عملية كيميائية بتجميع جزيئات صغيرة، تسمى مونومراتmonomers، من أجل الحصول على جزيئات قابلة للدوران، يطلق عليها اسم البوليمرات polymers.
يتم تلوين ألياف البوليستر باستخدام مواد حاملة، وهي جزيئات تجعل النسيج منتفخًا، مما يسمح للأصباغ باختراق النسيج بشكل أفضل. ولذلك فهي ليست من الألياف سهلة التلوين وتتطلب مرحلة وسطية للتلوين.
المنسوجات المصنوعة من هذه المواد تتسخ بسرعة. ومع ذلك، تتمتع هذه الألياف بمرونة استثنائية تسمح للنسيج بعدم التجعد: توفير ساعات طويلة من الكي!
يتم خلط هذه الألياف مع ألياف طبيعية أخرى من أصل حيواني (الصوف) أو نباتي (القطن) من أجل تعزيز خصائصها. كما أن امتصاصها المنخفض يجعل هذه الألياف ملكة المنسوجات المخصصة للرياضيين، لأنها تسمح، على عكس القطن، بالتخلص من العرق بسهولة.
يعمل قماش البوليستر كعازل ضد البرد، ولذلك تصنع العديد من السترات لمقاومة الرياح وكذا الأغطية الناعمة والسترات الواقية من هذه المادة. هو مادة رخيصة، وهي أهم ميزاتها، فالبوليستر غير مكلف ورخيص.
كما أن إنتاجها يعتبر أقل تكلفة من كل الألياف الأخرى، الطبيعية منها والاصطناعية، ويسمح إنتاجها المكثف بتخفيض التكاليف ويتم ذلك خصوصا في البلدان التي يكون فيها سعر اليد العاملة غير مكلفا.
باختصار شديد، ميزات قماش البولستر هي كالتالي:
- متانة وقوة: حيث يعتبر قماش البوليستر من أقوى الأقمشة ومن أكثرها مقاومة للتلف والتمزق، وهو ما يجعله جد مناسب للاستعمال في أماكن تتطلب متانة عالية.
- مقاومة التجاعيد: لا يتجعد البوليستر بسهولة، مما يجعله مثاليًا للملابس التي لا تحتاج إلى كيّ.
- مقاومة الماء والأوساخ: يقاوم البوليستر الماء والأوساخ. فهو يجعله سهل التنظيف والعناية به.
- المرونة: يتميز البوليستر بمرونة عالية، ما يجعله قابلا للتكيف مع شكل الجسم.
- التنوع: يتوفر قماش البوليستر بألوان مختلفة.
سلبيات وعيوب قماش البوليستر
على الرغم من أن البوليستر قد أثبت جدارته في العديد من المجالات مثل صناعة الملابس، والمواد العازلة، والإلكترونيات، فإن قماش البوليستر يواجه بعض الانتقادات من حيث الراحة في الاستخدام، ويبدو أن له مجموعة من العيوب، نذكر منها:
- عدم التهوية: قماش البوليستر لا يسمح بتهوية الجسم كما يفعل القطن، مما ينتج عنه شعور الشخص الذي يلبسه بالحرارة والتعرق خاصة في الطقس الحار.
- امتصاص الرطوبة: بسبب تركيبته وطبيعتها، فإن قماش البوليستر لا يمكنه امتصاص الرطوبة بشكل جيد مقارنة بالأقمشة الطبيعية، وهو الشيء الذي يجعله أقل راحة في الأجواء الحارة.
- قابلية الاشتعال: يعتبر البوليستر من الأقمشة القابلة للاشتعال، لذلك يجب على مستعمليه اتخاذ الحيطة والحذر عند تعاملهم معه، خصوصا عند تواجدهم بالقرب من مصادر الحرارة أو النار.
- مادة ملوثة: أصل قماش البوليستر هو البتروكيماويات، لذلك فإنه يضر البيئة على عدة مستويات طوال دورة حياته.
تعتمد صناعة ألياف البوليستر في المقام الأول على مادة خام غير متجددة، تأتي من طاقة أحفورية، هي النفط. للإشارة، فإن صنع سُترتين يتطلب 1.5 كجم من الزيت. كما تحتاج معالجته استخدام مواد كيميائية ضارة، سواء لصحة الإنسان أو البيئة (تلوث الهواء والتربة والمياه). ولا يتم إعادة تدوير هذه المنتجات.
عند الغسيل، تطلق أقمشة البوليستر العديد من الجسيمات الدقيقة، والتي تكون صغيرة جدًا بحيث لا يمكن تصفيتها بواسطة محطات معالجة مياه الصرف الصحي وغير قابلة للتحلل. ولذلك ينتهي بها الأمر في المحيط وتمثل المصدر الرئيسي للتلوث قبل الأكياس البلاستيكية.
وللحد من تأثير البوليستر على البيئة، أنشأت المنظمة الألمانية غير الحكومية Stop Micro Waste كيس الغسيل “GuppyFriend”، والذي سيكون قادرًا على الاحتفاظ بحوالي 80 إلى 85٪ من المواد البلاستيكية الدقيقة من الملابس الاصطناعية بالكامل. لاحظ أيضًا أنه اعتبارًا من 1 يناير 2025، يجب أن تكون جميع الغسالات الجديدة مجهزة بفلتر بلاستيكي من الألياف الدقيقة. تطلق ألياف البوليستر أيضًا المواد الكيميائية المستخدمة في تصميمها، مما يؤدي إلى تلويث البيئات المائية والتأثير على النظم البيئية.
- مادة مستهلكة للطاقة: يتطلب تصنيع قماش البوليستر استهلاكا عاليا للطاقة، وذلك في المصانع في الدول التي يمكن أن تستخدم الطاقات الملوثة، مثل الفحم. كما أنها تستخدم المياه بكثافة. وبالتالي، فإن تصنيع فستان واحد من البوليستر ينبعث منه قدر من ثاني أكسيد الكربون يعادل ما تطلقه رحلة مسافة 500 كيلومتر خلف عجلة قيادة سيارة حديثة.
ونظرا لكون البوليستر مادة صناعية، فمن الصعب إعادة تدويره في نهاية عمره الافتراضي، وغالبًا ما ينتهي الأمر بحرق الملابس المصنوعة من قماش البوليستر، أو إطلاق أبخرة ملوثة، أو إرسالها إلى مدافن النفايات المفتوحة.
تنظيف قماش البوليستر
كيف يمكننا العناية بقماش البوليستر وتنظيفه بعد استعماله؟ بصفة عامة، هو لا يتطلب أي احتياطات خاصة عندما يتعلق الأمر بالغسيل.
على الرغم من أن قماش البوليستر لا يحتاج عناية معينة على غرار أقمشة طبيعية، إلا أن الحفاظ على جودته يحتاج بعض الاهتمام حتى نضمن استدامته وحفاظه على شكله ولونه أيضا.
من بين سبل الاهتمام بقماش البوليستر والعناية به، ينصح المتخصصون بما يلي:
- طريقة غسله: ينصح بغسل قماش البوليستر يدويا أو في الغسالة، إذا كانت هذه الأخيرة مبرمجة للغسيل الاصطناعي، أو بين 30 و40 درجة. في الواقع، إذا تم غسل نسيج الألياف الاصطناعية في ماء ساخن جدا، فإنه قد يتعرض للتجعد بشكل دائم.
بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد خطر من انكماش ملابس البوليستر أثناء الغسيل. وبما أنها ألياف صناعية، فإنها لا تنكمش عند غسلها لأنها تتمتع بمقاومة ممتازة.
- التنشيف: يُنصح بتفضيل التنشيف في درجات حرارة منخفضة من أجل حمايته من التلف.
- التنظيف بالجاف: يمكن تنظيف قماش البوليستر بالجاف عن طريق استعمال أدوات ووسائل خاصة.
طريقة كَيِّ قماش البوليستر
قماش البوليستر ألياف لا تتجعد بشكل عام، وبالتالي فإنها لا تحتاج إلى الكي.
ومع ذلك، فإذا كنت ترغب في كيِّ ملابسك المصنوعة من القماش الصناعي، فينصحك الخبراء في الأقمشة باختيار مكواة على درجة حرارة منخفضة.
من جهة أخرى، يُفضل كي أقمشة البوليستر على الجانب الداخلي لها، أو مقلوبة. هذا سوف يقلل من خطر العلامات على سطح القماش.
ولضمان مزيد من الحماية للنسيج عند الكي، يمكن استخدام قطعة قماش مبللة، ستكون بمثابة حاجز بين نسيج البوليستر والمكواة.
إعادة تدوير قماش البوليستر
إعادة تدوير البوليستر طريقة أبانت أنها فعالة لتخفيف أثر المادة على البيئة.
تبدأ العملية بتجميع كل المنتجات التي صنعت من البوليستر، على سبيل المثال الزجاجات البلاستيكية القديمة والملابس. تنظف هذه المنتجات وتسحق كي تحول إلى رقائق صغيرة، يتم صهرها ثم إعادة تحويلها إلى ألياف جديدة يمكن استخدامها في صناعة منتجات جديدة.
ولكن، كيف تتم عملية وتقنية إعادة التدوير؟ هنالك نوعان:
- إعادة التدوير الكيميائي: وهي تقنية تقوم بتحليل البوليستر إلى مكوناته الأساسية من الأحماض والكحول. ويمكن إعادة استعمال هذه المكونات من أجل إنتاج قماش بوليستر جديد بجودة مماثلة للبكر. تسمح هذه العملية بإعادة تدوير البوليستر عدة مرات دون أن نفقد الجودة.
- إعادة التدوير الميكانيكي: عملية أسهل وأقل تكلفة من الأولى، إذ يتم تكسير النفايات البلاستيكية وتنظيفها ثم يعاد تشكيلها إلى ألياف جديدة. ورغم كون هذه العملية تؤدي أحيانا إلى فقدان بعض الجودة، إلا أنها تبقى فعالة من أجل إنتاج مواد تستعمل في صناعات متنوعة.
الحلول المستقبلية لتعويض البوليستر
هنالك عدة حلول مطروحة أمام الإنسانية:
- بوليستر قابل للتحلل: يشتغل العلماء حاليا على تطوير أنواع أخرى من البوليستر تعتمد على مواد خام نباتية تتحلل بشكل طبيعي في البيئة. وهي أنواع تنقص من التلوث البلاستيكي وتحسن من دورة الحياة الطبيعية للمنتجات.
- بوليستر معاد تدويره من مخلفات زراعية: تركز الأبحاث على استعمال المخلفات الزراعية كقش الأرز أو جلد الذرة كمادة خام لإنتاج البوليستر. هذه الطريقة تساهم في تقليل النفايات الزراعية والاستفادة منها بطرق جديدة ومستدامة.
- بوليستر بكفاءة طاقية: من أجل تحسين عملية الإنتاج لجعلها أكثر كفاءة من حيث استهلاكها الطاقة. وهو الأمر الذي يتطلب استخدام مصادر طاقة متجددة كالطاقة الشمسية أو الطاقة الريحية في عملية التصنيع لإنتاج بوليستر يؤثر بشكل أقل على البيئة.
- دعم الابتكارات: تشجيع الشركات والمصانع على الاستثمار في البحوث والتطوير لإيجاد حلول مبتكرة لإنتاج وإعادة تدوير البوليستر بطرق أكثر استدامة وصديقة للبيئة. هذا يشمل التحالفات بين الشركات والمؤسسات الأكاديمية والحكومية لتحقيق تقدم في هذا المجال.
هذه الجهود والابتكارات، يمكنها جعل البوليستر مادة أكثر استدامة وصديقة للبيئة، مما يساهم في تقليل التلوث البلاستيكي والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال.