الهجرة النبوية أحداثها وعظاتها
الهجرة النبوية هي اللبنة الأولى للأمة الإسلامية، لقد كان محمد وصحبه من المسلمين الأوائل حول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هم نواة الأمة الإسلامية ومنبع وجودها، وكانوا يلاقون أشد العذاب والتنكيل من مشركي قريش ،حتى أمرهم الله عز وجلب الهجرة النبوية إلى المدينة أو يثرب سابقا، تلك الهجرة النبوية التي أصبحت فيما بعد تاريخا للمسلمين يؤرخون به الأعوام والأحداث وذلك في عهد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
الهجرة النبوية أحداثها وعظاتها وشخصياتها العظيمة هي النبراس الأول للأمة الإسلامية عبر الأزمان.
ما هي الهجرة النبوية
الهجرة النبوية هي انتقال المسلمين من مكة إلى المدينة وذلك بسبب ما لقوه من تنكيل وتعذيب بسبب دخولهم الإسلام
أو الدين الجديد كما يسمونه مشركي قريش في مكة.
وفي عام 14 من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فرض الله على رسوله وعلى المسلمين الهجرة من مكة حيث المكان
الذي يلقون فيه الأذى إلى المدينة المنورة والتي كانت تسمى يثرب، والهجرة النبوية كانت واجبة على المسلمين وهناك الكثير من الآيات التي أمر الله فيها المسلمين بالهجرة (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .) آية رقم: (40) من سورة التوبة
ازداد إيذاء المشركين للمسلمين وخاصة بعد وفاة أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم والذي كان يحمي المسلمين
ويذود عنهم أذى المشركين ، وبعد وفاته زاد الأذى و استفحل وأصبح المسلمون المستضعفون خائفين،
وأخذ الرسول يبحث عن حل يمكنه من الذود عنهم وحمايتهم.
خروج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف
فكر الرسول في أن يستنجد بقبائل الطائف وعرض الدين الإسلامي عليهم والتمس النصرة والدعم منهم، وفي عام 10 من
بعثة الرسول و ثلاثة قبل الهجرة ، خرج محمد صلى الله عليه وسلم برفقة زيد بن حارثة مشيا على الأقدام في رحلة مدتها ثلاثة ليالي
ولقد تحدث الرسول مع أشرافهم وكبار القبائل في الطائف لكنه لم يجد منهم إلا الأذى والضرر،
حتى رموه بالحجارة وجرح زيد بن حارثة في رأسه أثناء ما كان يذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الرسول يبحث في القبائل العربية عن من ينصره
بعد حادثة الطائف المؤلمة لم يفقد الرسول صلى الله عليه وسلم الأمل وإنما أخذ يبحث في القبائل العربية عن من ينصره
ويتقبل دعوته، فكان يذهب إلى منى ويبحث عن القبائل العربية الأصيلة وعن من ينصره ويتقبل دعوته
حيث أخبرهم الرسول أنه بحاجة إلى من ينصره ويقويه كي يبلغ رسالات ربه
وكان يقول لهم : ( أن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي).
لقد واجه الرسول صلى الله عليه وسلم بعض القبائل التي ترد عليه ردا مؤلما كما حدث في الطائف وذلك مثل قبائل:
بني عبس، بني سليم، غسان وبني محارب، وبنى نضر ومرة وعذرة و الحضارمة ، ردوا عليه بأسوأ الردود وتحمل الرسول
وصبر ولم يفقد الأمل ولم يكف عن المحاولة أبدا بل استمر يبحث عن من ينصر الدين وينصره.
بيعة العقبة الأولى
الرسول صلى الله عليه وسلم استمر في أن يعرض دعوته على القبائل في منى وبينما هو كذلك عند العقبة لقي ستة أشخاص من يثرب وهم أسعد بن زراره، عوف بن الحارث، رافع بن مالك، قطبة بن عامر بن حديدة ، عقبة بن عامر بن نابي،
جابر بن عبد الله هؤلاء كانوا من قبيلة الخزرج في يثرب، ولقد آمنوا بالرسول وأسلموا لأنهم سمعوا عنه من اليهود
حيث اخبروهم أنهم سوف ينتصرون على الخزرج ويقتلونهم وذلك بعد اتباعهم نبي آخر الزمان، لقد تأكد هؤلاء الرجال
أن هذا هو نبي آخر الزمان وفكروا في أن يؤمنوا به ولا يجعلوا اليهود يسبقونهم إليه، آمن هؤلاء الرجال ثم عادوا إلى قومهم
و أخبرهم عن محمد وانتشر الإسلام فلم يكن هناك بيت إلا وأسلم وفي العام الذي يليه عاد الخزرج إلى الرسول
في نفس المكان العقبة وأرسلوا له اثنى عشر رجلا للمبايعة وسميت تلك الحادثة بيعة العقبة الأولى.
مصعب بن عمير يعلم أهل يثرب القرآن
أرسل الرسول مصعب بن عمير مع الرجال الذين بايعوه في بيعة العقبة الأولى إلى المدينة يعلمهم الإسلام
ويقرأ عليهم القرآن الكريم، انتشر الإسلام في يثرب انتشارا قويا وسريعا وزاد عدد المسلمين الذين آمنوا بالرسول
بل وحلموا أن يروه صلى الله عليه وسلم و يجلسون معه لقد آمنوا به قد قبل أن يلقونه فكان إيمانهم القوي نابعا من أرواحهم الصادقة،
أسلم على يد مصعب بن عمير سعد بن عبادة وأسيد بن حضير وأسلم معهما قومهما فهم كانوا كبار القوم وقادته.
كان مصعب بن عمير يقيم عند أسعد بن زرارة، يدعو الناس ويصلي بهم ويعلمهم قراءة القرآن وتعاليم الدين.
بيعة العقبة الثانية
إنه موسم الحج حيث خرج بعضا من الأنصار الذين أسلموا وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين إلى مبايعة الرسول
على السمع والطاعة فبايعوه رجلا رجلا، وكانت بيعة العقبة الثانية قبل الهجرة النبوية بثلاثة أشهر فقط، لقد بايع الرسول هذه البيعة
على نصرته في الحرب والسلام.
صيغة بيعة العقبة الثانية
عندما سأل الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله على ماذا نبايعك قال : ( تبايعوني على السمع والطاعة
في النشاط والكسل والنفقات في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تقولوا في الله لا تخافون في الله
لومة لائم وعلى أن تنصروني وتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبنائكم ولكم الجنة) ثم قاموا إليه الأنصار رجلا رجلا وتمت بيعة العقبة الثانية،
ولقد جعل الرسول منهم اثني عشر نقيبا ليكونوا على قومهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس وقال الرسول للنقباء :
(أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم).
الرسول يأمر بالهجرة النبوية
بعد بيعة العقبة الثانية واشتداد الإيذاء من المشركين، أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالخروج والهجرة واللحاق بإخوانهم
من الأنصار، هاجر أصحاب الرسول فرادى وجماعات في خفية تامة خوفا من أذى قريش تاركين وراءهم
كل ما يملكون وهناك تتجسد الطاعة للرسول صلى الله عليه وسلم والفداء والاستعداد بالتضحيه
لكل ما هو نفيس لتحقيق نصرة الدين.
إن الهجرة النبوية هي رمز الفداء وقد هاجرالمسلمون تاركين أموالهم وأوطانهم وأهاليهم
وكل ما يملكون، مضحين بنفس راضية في سبيل الله ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم واستقبلهم الأنصار
في حب وفرحة غامرة، مستقبلين رسول الله الذي أحبوه واشتاقوا إليه من قبل رؤيته بالفرحة و الغناء والأهازيج
كأنه يوم عيد، وانطلقت الاحتفالات وتعالت الصيحات الله أكبر جاء رسول الله، الله أكبر جاء محمد، وتزاحموا على الرسول
يأخذون بناقته كل يطمع أن يكون الرسول عنده.
وعندما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم يثرب من ناحيتها الجنوبية بعد صلاة الجمعة سميت حينها مدينة النبي
ويطلق عليها اختصارا المدينة أو المدينة المنوة، إن الهجرة النبوية جسدت لنا معاني
الفداء الحقيقي في نصرة الإسلام يقول الله تعالى:
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ.) .آية رقم: (195) من سورة آل عمران .